اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 538
ناصرين آلهتكم بأخذ انتقامهم عنه
ثم لما حفروا البئر وبنوا الحظيرة وجمعوا الحطب واوقدوا النار علقوا المنجنيق ووضعوه فيها ورموه إليها قُلْنا حينئذ مخاطبين للنار منادين لها لحفظ خليلنا يا نارُ المجبولة المطبوعة بالإحراق والإهلاك كُونِي بَرْداً واتركي طبع الحرق والحرارة وَلا تضرى لخليلنا بالبرودة المفرطة ايضا بل صيرى سَلاماً معتدلة ذات سلام وسلامة عَلى إِبْراهِيمَ ولا تضرى له
وَبعد ما علموا وشاهدوا ان النار لا يضره بل قد صارت له بردا وسلاما روحا وريحانا أفحموا والزموا وكيف لا يفحمون وقد أَرادُوا بِهِ كَيْداً ومكرا لينتقموا عنه ويبطلوا دعواه التوحيد فعاد عليهم الإلزام والوبال والابطال فغلبوا هنالك فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ فيما قصدوا له وانقلبوا من مجمعهم خاسرين خائبين خسرانا مبينا وخيبة عظيمة
وَبعد ما فعلوا مع خليلنا ابراهيم ما فعلوا قد نَجَّيْناهُ من مقام جودنا ولطفنا إياه وَصاحبناه مع ابن أخيه لُوطاً وبعثناهما عناية منا إياهما إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها حيث صيرناها كثير الخير والبركة وذات الأمن واليمن والامان والايمان لِلْعالَمِينَ اى لعموم من ينزل ويئول إليها من اهل الدين والدنيا الا وهي الشأم التي هي منازل الأنبياء والأولياء ومقر السعداء والصلحاء ومهبط الوحى الإلهي لذلك ما بعث بنى الا فيها او في حواليها وما دفن الا فيها او في أطرافها وجوانبها قيل نزل ابراهيم عليه السّلام بعد ما جلا من وطنه بفلسطين من الشأم ولوط بالسدوم وبينهما مسيرة يوم وليلة
وَبعد ما قد مكناه في الأرض المقدسة وَهَبْنا لَهُ من رحمتنا تفريحا لقبه من كربة الغربة وتشريحا لصدره من حزنها وكآبتها وتقرير العينية ولديه إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً
ليزيل حزنه وكربة غربته بهما قد وهبنا له اسحق اجابة لدعائه بقوله رب هب لي من الصالحين وانما أعطيناه يعقوب نافلة منا إياه وزيادة فضل وعطية تكريما له وامتنانا عليه وَبالجملة كُلًّا منه ومن ولديه قد جَعَلْنا صالِحِينَ للنبوة والرسالة وقبول سرائر التوحيد واسرار الألوهية والربوبية بقلوبهم
وَلصلاحهم واستعدادهم لقبول عموم الخيرات قد جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً وقدوة هادين مهديين يَهْدُونَ الناس بِأَمْرِنا ووحينا الى دوال توحيدنا وَبعد ما جعلناهم قدوة هادين أَوْحَيْنا وألهمنا تتميما لهدايتهم وإرشادهم إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ والإتيان باعمال الصالحات وعموم الطاعات والعبادات لتكون وسيلة مقربة لهم الى وحدة ذاتنا وَاوحيناهم خاصة إِقامَ الصَّلاةِ المتضمنة لتوجهم نحو الحق لجميع القوى والحركات والأركان والجوارح وعموم الآلات وَإِيتاءَ الزَّكاةِ المصفية لقلوبهم عما سوى الحق وَهم بمقتضى أمرنا ووحينا إياهم قد كانُوا لَنا خاصة بلا رؤيتهم الوسائل والأسباب العادية في البين عابِدِينَ متذللين متواضعين مخلصين بظواهرهم وبواطنهم وبعموم أفعالهم وحركاتهم
وَلُوطاً آتَيْناهُ من كمال فضلنا وجودنا معه حُكْماً قطعا للخصومات وفصلا للخطوب والمهمات وَعِلْماً لدنيا متعلقا بسرائر الأمور ورموزها وإشاراتها الدالة على وحدة الصانع الحكيم وَعلى سرسريان هويته الذاتية على صفائح عموم ما ظهر وبطن ومن كمال فضلنا إياه قد نَجَّيْناهُ مِنَ فتنة الْقَرْيَةِ الَّتِي قد كانَتْ أهلها تَعْمَلُ الْخَبائِثَ والفعال الشنيعة والخصال الخسيسة الخبيثة المذمومة عقلا وشرعا عرفا وعادة المسقطة للمروءة بالمرة الا وهي التعري بين اظهر الناس واللواط والضراط على الملأ وبالجملة إِنَّهُمْ من غاية قسوتهم وغفلتهم كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ مغمورين بين انواع الفسوق منغمسين بأصناف المعاصي والآثام
وَبعد ما انتقمنا عنهم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 538